مروان سوداح
واندلعت الحرب في القوقاز حيث يسقط الالوف من القتلى والجرحى الاوسيتيين الجنوبيين الذين يقاتلون بثلاثة آلاف عسكري فقط، وقد تعرّض موكب رئيس اوسيتيا الشمالية في الاراضي الروسية لقصف القوات الجورجية وعديدها المُحترِف أكثر ب 12 مرة من العسكريين الاوسيتيين الجنوبيين، وقتلت عدداً من قوات حفظ السلام الروسية التي يبلغ عديدها 800 فرد، وخلال إتصال هاتفي أكد لي أصدقائي في اوسيتيا الجنوبية ان الهجوم الجورجي دَمّر بالكامل خلال يومين جمهوريتهم وعاصمتها تسيخنفال، ومسح من على وجه الارض قُراها، ومؤسساتها الحكومية، ومدارسها، ورياض الاطفال، والمساكن، والمستشفيات، حتى أن لون التراب قد تبّدل إلى الأسود الفاحم بسبب قوة النيران وتنوع السلاح الذي استخدم في المواجهات الجورجية الاوسيتية الجنوبية، وأن ثلث مواطني هذه الدولة الفعلية وغير المعترف بها قد لجأوا الى الجمهوريات الشركسية الروسية هرباً من حرب الإبادة الجورجية.
وكما توقعت سابقاً، فقد التحق ألوف المتطوعين الشركس من مختلف البلدان بمواقع القتال، واعلن سيرغي باغابش رئيس الأباظة الذي كان من المفترض ان يحضر الى الاردن للمشاركة في فعاليات ثقافية شركسية دولية، عن بدء عمليات عسكرية لإستعادة وادي كودور الاستراتيجي من قبضة الجورجيين الذي سيطروا عليه دون قتال قبل سنتين ولتخفيف الضغط عن انسبائه الاوسيتيين، واكد رؤساء جمهورية الشيشان والدول الشركسية في روسيا تضامنهم المادي والمعنوي مع اقربائهم.
ويتزايد بشكل ملحوظ عدد المحللين السياسيين والمراقبين الاعلاميين العرب والاوسيتيين والأباظيين الذين يقارنون بين مأساة الشعوب الشركسية ومأساة الشعب الفلسطيني، إذ يؤكدون من خلال الفضائيات والاذاعات ومواقع الانترنت أن تجارة السلاح التي يقوم بها المعسكر الاخر، الولايات المتحدة وحليفتها الكونية الاستراتيجية اسرائيل، يقف وراء هذه المآسي الانسانية.
وفي هذا الاتجاه نقلت فضائية روسيا اليوم الناطقة بالعربية عن موقع (ديبكا فايل) الاسرائيلي الواسع الانتشار، أن شركات أمنية اسرائيلية ارسلت الى تيبليسي ألف مدرّب اسرائيلي لرفع كفاءة القوات الجورجية،ئوتلقّت عناصر الأمن الخاص ئوالاستطلاع العسكري الجورجي تدريباتٍ مكثفة على يد خبراء عسكريين اسرائيليين، وأكد الموقع أن تيبليسي حصلت من تل ابيب على معدات حديثة تُستخدمئلأغراض الاستطلاع والحرب الإلكترونية.
ويذهب الخبير السوري المعروف د.أحمد نزار الوادي في دراساته المنشورة في صحيفة (البعث) إلى أن اسرائيل وامريكا أسستا مدرسة عسكرية جديدة لجورجيا، وان الرئيس الجورجي أقر في مقابلة مع صحيفة (نيويورك تايمز) بوجود أربعين طائرة تجسس إسرائيلية دون طيار ضمن قِوام القوات المسلحة لبلاده. ويميط د.الوادي اللثام عن أن إسرائيل ركّزت نشاطها العسكري والفني في جورجيا منذ منتصف التسعينيات، وتسعى حالياً لتطويره مع هذه الدولة، مؤكداً أن الدولة الصهيونية تُورّد أحدث الاسلحة لتبليسي للتأثير سلباً على منطقة القوقاز برمتها والازمة الأباظية والاوسيتية فيها، ويستنتج أن استخدام جورجيا، في إطار مواجهاتها مع الأباظة واوسيتيا، اسلحة اسرائيلية يجعلها في حقيقة الامر مُشارِكة فعلية في الحرب إلى جانب السلطات الجورجية.
واستناداً إلى صحيفة (القدس) التي نشرت الاسبوع المنصرم معلومات مفصّلة وموثّقة اقتبستها من صحيفة (معاريف) الاسرائيلية التي شهدت بدورها على مدى عمق العلاقات العسكرية الإسرائيلية الجورجية العلنية منها والسرية، وتُعيد (معاريف) سبب ازدهار هذه الروابط بين الدولتين الحليفتين إلى (أن الرئيس الجورجي ووزير دفاعه الحالي الذي يتحدث العبرية بطلاقة والذي قضى فترة طويلة في اسرائيل كمهاجر جديد، يقودان توجيهات موالية للدوائر الغربية ويتطلعان للانضمام لحلف الناتو)!.
عن صحيفة الرأي الاردنية12/8/2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق